ناتالي الممثلة الفرنسية تكشف كيف أعلنت إسلامها وسط الصحراء واحتفل بها البدو..وقصة غرامها بمصر
ارتفع صوت الآذان ليلامس صوت المؤذن روحها وتحرك تكبيراته قلبها, وعلى الرغم من أنها كانت لا تفهم الكلمات إلا أنها كانت تعلم هناك شيئ غامض يشدها لما تسمعه, أنها ناتالي السيدة الفرنسية التي بدأت قصتها مع مصر والإسلام منذ كان كانت طفلة صغيرة في جيبوتي .
التقتيت بها أول مرة عندما سمعت عن السيدة الفرنسية العاشقة للصحراء المصرية وعندما جلست معها لمعرفة سر هذا العشق اكتشفت أن خلف هذه الملامح الغربية الجميلة قصة عشق كبيرة لمصر ترجمته في صورة كتاب عن القاهرة حمل عنوان "القاهرة..الكشف عن المجهول" وهو الأمر الذي دفعني لإجراء حوار معها ومعرفة أسرار هذا الكتاب.
أثناء حواري معها اكتشفت قصة هذه السيدة الفرنسية التي عملت في فترة كممثلة في فرنسا ثم قررت أن تستقر في مصر وذابت فيها عشق وقدمت كتاب يؤكد أن عليك أن تعشق المكان الذي تعيش فيه حتى تراه جميل, فقد رسمت ناتالي لوحة جميلة للقاهرة لأنها عشقت المكان.
من هي تلك السيدة, ماذا كتبت عن القاهرة, ما هو السر الكبير وراء عشقها الكبير لوطن غير وطنها, أسئلة دارت في ذهني وأن أحضر لها الحوار الذي اكتشفت وأنا أجريه أنني أمام نموذج مختلف وسيدة ترى القاهرة بعيون جديدة. وإذا كان حواري كان في قلب القاهرة وعن كتاب يرصد ملامح الحياة فيها إلا أنني بدأت حواري من منطقة أخرى وهي جيبوتي التي تحتل عنوان الفصل الأول من حياة ناتالي , التي ولدت في جيبوتي وعاشت في فرنسا وقررت الاستقرار في مصر.
متى كانت أول زيارة لمصر؟
كانت عام 2001, وأثناء رحلة إلى الأقصر حيث ااكتشفت الصحراء اكتشفت أن طفولتي الضائعة يمكن لي العثور عليها مرة أخرى في أحضان مصر وبالتحديد الصحراء الغربية بكل تفاصيلها.لقد عثرت على ذكريات طفولتي في مصر, لقد بحثت طويل على ملامح من حياتي وأخيرا عثرت عليها ومعها عرفت مرة أخرى أسلوب الحياة التي عشقتها منذ الصغر, طريقة التفكير, الناس..
لم تواجهي صعوية في اتخاذ القرار مغادرة وطنك والاستقرار في مصر؟
إطلاقا, فمصر دولة رائعة لكل من يبحث عن دولة تحتضنه, فهي تتبناك, تقبلك كما أنت, فمنذ عصر الفراعنة والمصريون يستقبلوا الأجانب الذين يندمجوا سريعا مع أسلوب الحياة المصرية, هذه الحقيقة من السهل اكتشافها منذ اللحظة الأولي التي يأتي فيها أي أجنبي لزيارة مصر حيث يستقبله الجميع بعبارة " أهلا في مصر" . وإذا أراد الأجنبي أن يستقر في مصر فلا يوجد من يعترض بل على العكس فالجميع يرحب ويساعد, وبصراحة لم أواجه أي صعوبة.
وكيف بدأت رحلتك مع مصر؟
عندما أتيت من أجل الإقامة في مصر لم تكن لدي خطة محددة, في المقابل كان لدي الكثير من الأصدقاء الذين تعرفت عليهم بسبب عشقي لمصر منذ أول زيارة لها, فمنذ عام 2001 وأنا أزور مصر بشكل متقطع , ولكن الحب الحقيقي بدأ عندما قضيت أجازة نهاية الأسبوع مع ابني في الصحراء البيضاء منذ ما يقرب من عامين وعلى الرغم من المدة القصيرة لهذه الأجازة إلا أنني أدركت مدى عشقى للصحراء وأنها المكان الذي أريد العيش فيه, في تلك الرحلة قضيت وقتا في التفكير والتأمل واتخذت القرار بالاستقرار في الصحراء المصرية وأيضا قرار تأليف كتاب عن رحلتي في القاهرة, وهي الفكرة التي كانت تراودني منذ فترة ولكنني لم أتخذ قرار بشأنها.
الاستقرار في الصحراء والكتابة عن القاهرة؟
بعد عودتي من هذه الرحلة أدركت أنني لن أستطيع العيش بعيدا عن الصحراء, ولكن قبل اتخاذ قرار الاستقرار هناك طلبت من الشيخ هلال, الذي قابلته في رحلتي الأولي, أن يساعدني على فهم الصحراء وإمكانية الحياة هناك وأقترح أن أقوم برحلة طويلة في الصحراء لكي اكتشفها من جديد وأعرفها بشكل أعمق, والتعرف على عائلته وعلى البدو وعلى طبيعة الحياة التي سوف أقتحمها, رحلتي معه في قلب الصحراء المصرية جعلتني أقع في عشق هذا المكان و ارتبط بسكانه وأحلم بالاستقرار معهم, ولهذا اخترت العمل معهم في مجال تنظيم الرحلات إلى قلب الصحراء المصرية.
ولم تعارض أسرتك قرار استقرارك في مصر؟
ابني الوحيد يدعم قراري ويساندي فيه وهو يأتي لزيارتي في أجازته وقد أقامت له ملعب جولف في الصحراء لأنه يريد أن يصبح لاعب جولف محترف عندما يكبر.
ألمح في عينك نظرة عشق للصحراء المصرية؟
بالفعل أنا أعشقها إلى حد كبير وأشعر أنها ابنتي التي يجب أن أحميها, فهناك ما يقرب من 45 ألف سائح يأتوا من أجل زيارة الصحراء البيضاء, ولكن أغلبهم لا يعرف طبيعة الصحراء وكيفية التعامل معها, لهذا أحرص مع البدو من عائلة الشيخ هلال أن نوفر لكل السياح رحلة رائعة في قلب الصحراء وفي نفس الوقت نحمة عذرية المكان من أي تدخل أي يأخذ من جماله أو يؤثر عليه. حماية الصحراء والحفاظ عليها هو أهم درس تعلمته من الشيخ هلال وعائلته والذين وهبوا حياتهم للصحراء وعرفوا أسرارها التي يتناقولها من جيل إلى جيل.
ولماذا اخترتي الكتابة عن القاهرة وليس عن الصحراء؟
اخترت الكتابة عن القاهرة لأنها شهدت علاقتي الأولي بمصر, ففيها استقريت أول مرة, وفيها تعرفت على الشعب المصري, وخلالها سمعت الآذان واقتربت أكثر من الدين الإسلامي الذي عرفته في جيبوتي وتعمقت معرفتي به في القاهرة, أما الصحراء فهي المكان الذي عشقته وقررت الإقامة فيه لبقية حياتي, وإذا كانت القاهرة هي بطلة أول كتاب لي فأن الصحراء هي بطلة كتاب الثاني, لقد أصبحت أعرف الآن وبفضل الشيخ هلال كل اسرار الصحراء, كل خباياها, أهم القصص والحواديت, لقد نشأت صداقة بيني وبين حبات رمالها وأصبحت أعرف قصة كل جبل.
ومن أي زاوية اخترتي الكتابة عن القاهرة؟
"القاهرة...الكشف عن المجهول" هذا هو عنوان الكتاب الذي أرصد من خلاله قصتي مع هذه المدينة الساحرة, قصة بدأت عندما طلبت منى إحدى المحطات التلفزيوينة الأجنبية أن أساعدها في إعداد برنامج على القاهرة, ولكن المشروع لم يكتمل, ولهذا قررت استغلال الصو التي التقطتها أثناء الإعداد للبرنامج في رصد قصتي مع هذه المدينة...
وبين القاهرة والصحراء تبقى لقصتك مع الإسلام , تفاصيل خاصة؟
منذ طفولتي والإسلام قريب منى فقد قضيت طفولتي في جيبوتي وتسلل صوت الآذان إلى مسامعي منذ الصغر وشاهدت أصدقائي وهم يقيموا الصلاة, وكان الإسلام بالنسبة لي دين حريصة على اكتشافه والتعرف عليه بعمق, وقد ساعدني أحد اصدقائي المصريين وهو علاء الدين الذي يعرف جيدا الإنجيل ويعرف أيضا القرآن الكريم, وساعدني على التعرف على النقاط المشتركة بين الدين الإسلامي والمسيحي وكذلك الاختلافات بينهما, وقد ساعدني استقراري في مصر على اكتشاف الدين الإسلامي
ومتى قررتي إعلان إسلامك؟
أتذكر هذه اللحظة جيدا, في العام الماضي, ومع النسمات الأولي لصباح أول يوم في العيد قررت أن أعلن إسلامي, كنت في الصحراء,ولاأزال أتذكر فرحة النساء في القرية التي أقيم بها وكيف اجتمعوا حولي وأعطوني حجاب لكي أصل به, وفي تلك الأثناء شعرت أن كل من أتي ليصلي صلاة العيد أتي لكي يبارك لي على حجابي.
وهل تطرقتي للحديث عن الإسلام في كتابك؟
بالطبع, فلا يمكن الحديث عن القاهرة, دون الحديث عن الإسلام جوهر الحياة الذي يضفي طابع روحاني على الجميع, ومن أجمل الاجزاء في كتابي الجزء الذي أتحدث فيه عن شهر رمضان الكريم, هذا الشهر هو الرائع الذي تعايشت فيه مع المصريين , تناولت معهم الإفطار على موائد الرحمن في الأزهر, انتظرت معهم ليلة القدر, تناولت الفول, وحرصت على أن أكتب فصل كامل عن شهر رمضان في مصر, ورصدت الحالة الروحانية التي تسيطر عليهم في هذا الشهر حيث ينتابك الاحساس وكأن سكان القاهرة, خاصة في الأحياء الشعبية, وكأنهم عائلة واحدة.و الحقيقة أنني أعلم أن الكثير من المسلمين يحلموا بزيارة مصر خلال شهر رمضان لأن مصر تعيش رمضان بكل وجدانها.
ما هي أهم ما رصدتيه في كتابك ؟
لقد سعيت من خلال كتابي إلى أكتشاف قاهرة اليوم من خلال لقائي بسكان هذه المدينة الساحرة. في البداية كنت أريد أن أكتب عن الأحياء الشعبية في القاهرة وعن تفاصيل الحياة اليومية هناك, ورصد الحياة الثقافية في قهوة نجيب محفوظ, ولكن بفضل أصدقائي نجحت في تكوين شبكة علاقات استطاعت من خلالها لقاء العديد من الشخصيات الهامة في مصر مثل زاهي حواس وفريدة فهمي, وماريان خوري التي شجعتني كثيرا على كتابة "القاهرة...في القاهرة",هذا بالإضافة إلى المصريين الذين يعملون في مختلف المجالات...
وما هي أهم الأماكن التي كتبت عنها ؟
بالتأكيد الزمالك المكان الذي أقيم به عندما أعود من الصحراء, في الزمالك أعيش الحياة الحقيقية للقاهرة, فالزمالك مكان يحمل عراقة التاريخ كما أنه بالقرب من وسط البلد, وأهم ما يميز الزمالك, أنك يمكن أن تقابل الطبقة العليا كما يمكنك أن تتعرف على البسطاء وأن أرى أن البوابين في العمارات الزمالك يحملوا الكثير من القصص التي تعكس وجه مختلف من أوجه القاهرة. وأتذكر أنني في فترة قررت استبدال مكان اقامتي من الزمالك إلى المعادي ولكنني لم أحتمل الإقامة هناك لوقت طويل فالمعادي أقرب لمستوطنة خاصة بالأجانب حتى طابع الحياة بعيد عن الحياة المصرية.
كيف تصفي كتابك ؟
هو كتاب لا يحلل الأوضاع السياسية والاقتصادية في القاهرة , كما أنه كتاب لا يتناول المعالم الأثرية في تلك المدينة, ولكنه كتاب يرصد القاهرة اليوم ويقدم صورة مختلفة عن تلك الصورة النمطية المعتادة عن مصرلدى الغرب والتي تتأرجح بين صورة المدينة التاريخية وصورة المدينة التي تعاني من التلوث والزحام. في كتابي أقدم نظرة جديدة للقاهرة ولكنها نظرة المحب, فالقاهرة مدينة تلتهمك
مي سمير
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق