شائعات عمرسليمان.. ما بين برنامج حماية الشهود إلى عالم نظريات المؤامرة
كتبت مي سمير
حافظ عمر سليمان نائب الرئيس ومدير المخابرات المصرية الراحل على
هالة من الغموض طوال حياته اكسبته كاريزما خاصة، وأتي خبر وفاته
المفاجئ ليؤكد هذه الهالة فقد رحل عمر سليمان عن عالمنا بشكل مفاجئ
في 19 يوليو عام 2012 وأكدت التقارير الرسمية أنه توفى أثناء تلقيه
العلاج في الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان يعاني من مشاكل في القلب.
وما بين الشائعات التي انتشرت حول حقيقة وفاته ومنها أنه توفى في
تفجير لمبنى المخابرات السورية والشائعات التي ظهرت على السطح
هذه الأيام حول أنه لم يتوفى وأنه لايزال على قيد الحياة، لتؤكد أن هذا
الرجل تجسيد حقيقي لفكرة الغموض لدرجة أن هناك من ينسى أن حياته
في عالم المخابرات والسياسية لا تمنع حقيقة أنه من الممكن أن يرحل
عالمنا بشكل مفاجئ مثل كل البشر، فلا أحد منا يعلم متى أو كيف سيموت.
مع صفحة على الفاس بوك تحمل عنوان (عودة عمر سليمان) وظهور
تصريحات مثل تصريح الناشط السيناوي مسعد أبو فجر الذي كتب في
تدوينة له على الفاس بوك (عمر جنرال مخابرات مبارك لم يمت، فقط دخل
السرداب، وسيخرج بعد حين ليفصل ببندقيته بين الحق والباطل)،
طفى على سطح المشهد المصري سؤال واحد ألا وهو هل لايزال عمر سليمان
على قيد الحياة؟.
برنامج حماية الشهود
من النظريات التي يسوقها البعض في محاولة للإشارة إلى أن اللواء
عمر سليمان لايزال على قيد الحياة، هي نظرية خضوعه لبرنامج مشابه لبرنامج
حماية الشهود في الولايات المتحدة الأمريكية. يتبع برنامج حماية الشهود
وزارة العدل الأمريكية ويهدف توفير الحماية للشهود في الجرائم الكبرى
والمعرضة حياتهم للخطر وذلك بتزيف خبر وفاتها ثم منحهم هوية جديدة تماما
والقضاء على أى أثار متعلقة بحياتهم السابقة لضمان حمايتهم وعدم الوصول
إليهم. منذ بداية هذا البرنامج عام 1970 خضع 8500 شاهد للحماية، كما يقدم
البرنامج الحماية أيضا لعائلات الشهود ليصل عدد الخاضعين لحماية
البرنامج 9900 شخص. ويوفر البرنامج كل سبل مساعدة الشهود لبدء حياتهم
الجديدة بالهويات الجديدة بدءا، من توفير المسكن والرعاية الصحية والدعم المالي
إلى تقديم التدريب اللازم من أجل البدء في ممارسة مهنة جديدة. وفقا لهذه النظرية
فقد تم تزييف خبر وفاة اللواء عمر سليمان من أجل حماية حياته المهددة من
قبل التيارات المتطرفة والمتشددة.
نظرية المؤامرة
وإذا كان من الصعب تصديق مثل هذه الوجهة من النظر، خاصة أن
شخص مثل عمر سليمان، محاط باحتياطات أمنية كبيرة، ليس في حاجة
للخضوع لمثل هذا البرنامج لحماية حياته، إلا أن على الناحية الأخرى
الكثير من النظريات قد تم صياغتها في محاولة لتفسير وفاته المفاجأة
والتي أتت دون سابق الإشارة لإصابته بمرض معين وبعد فترة قصيرة
من استعداده لخوض انتخابات الرئاسة قبل أن تستبعد لجنة الانتخابات
ترشيحه بدعوى حصوله على توكيلات من 14 محافظة فقط
وليس 15 كما ينص القانون.
الكثير من نظريات المؤامرة تمت صياغتها حول وفاة عمر سليمان.
أول تلك النظريات أن الولايات المتحدة الأمريكية قتلته للتخلص منه،
والبعض الآخر أشار لوفاته في تفجير مبنى المخابرات السورية أثناء
تقديمه مساعدة لنظام بشار الأسد حول كيفية مواجهة الجيش الحر،
وآخر تلك النظريات أنه لايزال حيا ولم يموت وأنه مختفي عن الأنظار
وينتظر الوقت المناسب للعودة لمصر.
والكثير من نظريات المؤامرة تمت صياغتها في محاولة لتفسير تطورات
الحياة السياسية في مختلف أنحاء العالم، وقد ظهر تعبير نظرية المؤامرة
لأول مرة في عام 1909 بإحدى الموضوعات الصحفية في
(ريفيو التاريخ الأمريكي) وهو تعبير يشير لتلاعب قوى عظمى سواء كانت دولة
أو أشخاص في الأحداث لصالحها، وتقديم رواية غير حقيقية للعامة
من أجل التغطية على هذا التلاعب. ولكن تبقى وفاة المشاهير من رجال السياسة
وعملية الاغتيالات السياسية هي من أكثر الأحداث التي تخضع
لتفسير نظرية المؤامرة والقائمة طويلة.
مؤامرات الاغتيالات السياسية
عند رحيل عبد الناصر في عام 1970 خرجت الكثير من النظريات التي تشير
إلى أن وفاته لم تكن لأسباب طبيعية بعد تعرضه للأزمة القلبية في أعقاب
القمة العربية التي تلت أحداث أيلول الأسود وانه تعرض للاغتيال عن طريق
تدليك قدميه بالسم الذي تسلل إلى جسده تدريجي وأودى بحياته في النهاية.
ويبدو أن السم هوعنصر مشترك في النظريات المتعلقة بوفاة زعماء مصر،
فعندما توفى الملك فاروق الحياة عام 1965 بعد تناول عشاء فخم في مطعم
(إيل دل فرانس) بروما، خرجت نظرية تشير إلى أن أحد الضباط الأحرار
قد سافر إلى روما وعمل بالمطعم الشهير كجرسون حتى يتمكن من دس
السم في الطعام للملك فاروق.
أما أهم أشهر عمليات الاغتيال السياسي التي أصيغ حولها العديد من
نظريات المؤامرة فهي حادثة اغتيال الرئيس الأمريكي جون كينيدي
في عام 1963، لعل أشهرها أن الإصابات التي لحقت بكينيدي من عملية
إطلاق النار عليه لا يمكن أن تحدث نتيجة إطلاق نار من مسافة بعيدة،
وهي النظرية التي تبناها المخرج الأمريكي أوليفير ستون في فيلمه (كينيدي).
وجميع استطلاعات الرأي الأمريكية تؤكد أن الشعب الأمريكي يؤمن أن
القاتل الحقيقي لكينيدي لم يتم القبض عليه. أهم تلك النظريات أن عصابة
المافيا هي المسؤولة عن عملية الاغتيال بسبب فشل عملية غزو
خليج الخنازير والتي كانت المافيا تعقد عليها أمالها من أجل دعم
استثماراتها الكبرى في كوبا، نظرية أخرى تشير أن ليندون جونسون
نائب كيندي والذي أصبح رئيسا فيما بعد هو الذي أمر بعملية اغتيال
بدعم وتمويل من رجال أعمال يعتقد أنهم حققوا مكاسب مالية مع وصول
جونسون للبيت الأبيض، وهناك قائمة طويلة من النظريات بعضها
يتهم جاكلين كينيدي زوجة الرئيس الأمريكي التي كانت تجلس بجواره
عندما تعرض لإطلاق النار، والبعض يتهم المخابرات الأمريكية المركزية
التي كانت على خلاف مع كينيدي بسبب سياسته مع كوبا، ونظرية توجه
أصابع الاتهام إلى الحراس الشخصيين لكينيدي الذين قتلوه بالخطأ.
حوادث اغتيال كل من مارتن لوثر كينج، روبرت كيندي ومالكوم إكس
أحيط بها سلسلة لا نهائية من نظريات المؤامرة. لا يتوقف أيضا الأمر
على حوادث الاغتيال وإنما أيضا يمتد للحوادث العادية مثل مقتل الأميرة
ديانا مطلقة ولي عهد بريطانيا وصديقها المصري دودي الفايد في حادث
سيارة في باريس، وهي الحادثة التي أثير حولها الكثير من النظريات لعل
أهمها أن الأمير فيليب زوج ملكة بريطانيا هو من تولى التخطيط لعملية الاغتيال
للتخلص من ديانا قبل أن تتزوج من رجل مسلم وتنجب أخ مسلم لملك
بريطانيا القادم. كما خرجت الكثير من التفسيرات الأخرى ومنها نظرية
تمت صياغتها في شكل رواية تحمل عنوان الأميرة تشير أن الأميرة ديانا
هي من دبرت هذه الحادثة لتزييف وفاتها وذلك حتى تتمكن من العيش
بعيدا عن الأنظار، وأشار الكتاب أن اختارت الإقامة في أمريكا اللاتينية.
تزييف الموت
طاردت نظرية تزييف الموت من أجل الابتعاد عن الأنظار وبدء حياة
جديدة الكثير من مشاهير الفن والسياسة بعد رحيلهم. لعل أشهر تلك
النظريات ما تضمنه الكتاب البريطاني (الذئب الرمادي) الصادر في
عام 2011 والذي أشار أن الزعيم النازي أدولف هتلر لم ينتحر في
أعقاب هزيمته أمام الحلفاء، بحسب الكتاب فأن هتلر هرب إلى الأرجنتين
وظل هناك إلى أن توفى في عام 1962، كما أضاف الكتاب أن بقايا الجمجمة
التي تحتفظ بها روسيا باعتبارها جمجمة هتلر هي في حقيقة الأمر جمجمة امرأة.
ولا يقتصر الأمر على رجال السياسة والقادة والملوك ولكن نظرية
تزييف الموت تطادر عادة المشاهير في عالم الفن والغناء. بعد ساعات
من رحيل مايكل جاكسون خرجت نظرية تشير أنه لم يتوفى وأنما اخترع قصة
وفاته حتى يبتعد عن الأضواء وفي نفس الوقت يتجنب إعلانه افلاسه خاصة
مع إدراكه أن خبر وفاته سوف يزيد من عائدات مبيعات ألبوماته. أحاطت
نفس النظرية خبر وفاة ألفيس بريسلي في نهاية السبعينات ولكن الأكثر
غرابة أن هناك أشخاص أدعوا أنهم نجم الروك اند روال الراحل.
ومن المشاهير الذين لاحقتهم أيضا فكرة تزييف الموت النجم الراحل
جيمس دين الذى توفى في حادثة سيارة عام 1955 ولكن الطب الشرعي
أشار أن ملابسات الحادثة والتلفيات الناجمة عنها ليست خطيرة ولا يترتب
عليها وقوع حالة وفاة، كان هذا التقرير سببا في ظهور نظرية تؤكد أن
جيمس دين الذي لم يشارك سوى في بطولة ثلاثة أفلام وعلى الرغم
من ذلك أصبح أسطورة سينمائية قد فضل الابتعاد عن الأضواء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق