حكاية الإخوان في أربع دول أوربية
في ألمانيا: ينسق الإخواني إبراهيم الزيات علاقة
الجماعة بتركيا
في بريطانيا: توفير الحماية الأمنية وتأسيس شبكة من الشركات التجارية
ايطاليا: الإخوان لاعب في الحياة السياسية
في فرنسا: تسيطر قطر على الجماعة
كتبت مي سمير
بنظرة سريعة على تاريخ التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين سوف نجد
أن أوربا كانت مركز اقتصادي وسياسي لنشاط التنظيم الدولي.
داخل عدد من الدولة الأوربية هناك شبكة متداخلة من مؤسسات ومنظمات
تابعة للإخوان التي تتمتع بعلاقات طويلة الأمد مع حكومات هذه الدول.
داخل عدد من الدولة الأوربية هناك شبكة متداخلة من مؤسسات ومنظمات
تابعة للإخوان التي تتمتع بعلاقات طويلة الأمد مع حكومات هذه الدول.
ألمانيا
في دراسة تحت عنوان "ألمانيا والإخوان المسلمين" صادرة
عن مركز أبحاث الدراسات الدولية في ألمانيا ، رصد الباحث
"جيدو شتاينبرج" تاريخ الإخوان المسلمين في ألمانيا
والتي شكلت القاعدة الرئيسية التي تنتقل منها أنشطة
التنظيم الدولي للجماعة. يحرك نشاط الإخوان في
ألمانيا المهندس إبراهيم الزيات وهو مصري الأصل،
وكان قد حوكم غيابيا عام 2006 وصدر قرار
يرجع تاريخ الجماعة في ألمانيا إلى عام 1961
عندما قرر سعيد رمضان صهر مؤسس الجماعة
حسن البنا والذي غادر مصر في الخمسينات متجها
إلى جينف أن ينقل نشاطه لى ألمانيا، وبدأ هذا النشاط
بهدف معلن وهو بناء مسجد في ميونيخ. في الستينات
كانت ألمانيا مركز لاستقطاب الطلاب العرب
الراغبين في استكمال تعليمهم العالي بالغرب،حتى
سعيد رمضان درس القانون في جامعة كولونيا
وحصل على الدكتوراة عام 1959 بدراسة عن
الشريعة الإسلامية. بمساعدة الطلاب العرب
والمسلمين بدأ رمضان في مشروع تأسيس المسجد في
ميونيج وكان ذراعه الأيمن في هذا المشروع
رجل الأعمال السوري الإيطالي همت إبراهيم،
كما تعاون معهم رجل الأعمال المصري يوسف ندا
في بناء المسجد الذي عرف فيما بعد بأسم مركز
ميونيخ الإسلامي. تطورت لجنة بناء المسجد إلى
نواة لشبكة من المساجد والمراكز والجمعيات في
جميع المدن الرئيسية في ألمانيا الغربية. في عام 1982،
تحولت هذه اللجنة إلى منظمة تحمل أسم "المجتمع
الإسلامي في ألمانيا" أو "إي جي دي" والتي تمثل
قاعدة لانتشار المنظمات التابعة للإخوان المسلمين
في ألمانيا. تأكدت العلاقة القوية بين تلك المنظمات
بين جماعة الإخوان المسلمين المصرية في الثمانينات
عندما عمل مهدي عاكف مرشد الإخوان السابق كإمام
للمسجد في الفترة من عام 1984 إلى 1987.
وبحسب المخابرات الألمانيا فأن عدد أعضاء جماعة
الإخوان المسلمين في ألمانيا يصل إلى 1300 عضو،
ولكن في مقابل عددهم الصغير إلا أن الإخوان في ألمانيا
يمارسون نفوذ لا حدود له على مجتمع المسلمين في ألمانيا.
وبحسب المخابرات الألمانية فأن إخوان ألمانيا يمثلون
حلقة الوصل القوية بين التنظيم الدولي في الغرب وبين
الإخوان في تركيا وذلك بفضل العلاقة القوية بين مركز
كولونيا الإسلامي الذي أؤسس عام 1978 والمجتمع
التركي في ألمانيا المتمركز في كولونيا. يدير هذه
العلاقات التركية الإخوانية المهندس المصري الأصل
إبراهيم الزيات الذي تولى رئاسة مركز كولونيا الإسلامي
عام 1996. وقد يرجع ذلك إلى زواج الزيات من
صبيحه أربكان ابنة شقيق رئيس الوزراء التركي الأسبق
نجم الدين أربكان ومؤسس حزب رفاه الإسلامي.
ومن المعروف أن أن رئيس الوزراء التركي طيب رجب
أردوجان والرئيس التركي عبدالله جول كانا من أحد أهم
قيادات حزب رفاة. يعد نجم الدين أربكان هو مؤسس
تيار الإسلام السياسي في تركيا والأب الروحي لأردوجان
وجول، وهناك عدد من أفراد عائلة أربكان الذين يعملون
في منظمات الإخوان في ألمانيا مثل محمد حسن
أربكان الذي عمل مع الزيات في عدد من المنظمات
الإسلامية. ويشغل الزيات العديد من المناصب في المنظمات
والمؤسسات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في ألمانيا
الإسلامي بألمانيا. كما له نشاط تجاري فهو رئيس مجلس
إدارة الزيات للتجارة ورئيس مجلس إدارة اي ال أم لتجارة
العقارات والاستثمار.
وتقسم الدارسة علاقة الحكومة الألمانية بجماعة الإخوان
المسلمين إلى ثلاثة مراحل، المرحلة الأولى لم تهتم
فيها ألمانيا بوجود الجماعة وكان التجاهل هو السمة
الرئيسية التي تحكم علاقة ألمانيا بالإخوان، ولعل
هذا التجاهل كان سببا في اتساع نطاق نشاط الجماعة
في ألمانيا والتي تمثل المركز الحقيقي لنشاط الجماعة
في أوربا. أم المرحلة الثانية فبدأت بعد أحداث 11 سبتمبر
2001، حيث أدركت ألمانيا تلك العلاقة الخاصة التي
تربط جماعة الإخوان بالمنظمات الإرهابية وبدأت
المخابرات الألمانية في محاولة التواصل مع الجماعة
في ألمانيا في إطار حرب الغرب على الإرهاب،
وقد شهدت هذه المرحلة تعاون بين وزارة الداخلية
الألمانية والأجهزة الأمنية سواء في الغرب أو شمال
افريقيا فيما يتعلق بالإخوان المسلمين. شهد عام 2002
صياغة تفاصيل هذه الرؤية الجديدة لعلاقة ألمانيا بجماعة
اخوان في مختلف أنحاء العالم في مبادرة تعرف
بأسم "الحوار مع العالم الإسلامي" كجزء من برنامج التوعية
الثقافية في وزارة الخارجية. وأسفرت هذه المبادرة عن
تعيين ممثل خاص لتنفيذ المبادرة في وزارة الخارجية
الألمانية وعدد من الموظفين في السفارات الألمانية
لتولي تنفيذ هذه المبادرة، ولأول مرة بدأت السفارات
الألمانية في التواصل مع أعضاء جماعة الإخوان
في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، ومع عام
2009 بدأت ألمانيا في عقد اجتماعات مشتركة لمسؤولون
ألمان مع البرلمانيين وقيادات الجماعة في مصر وغير
من دول الشرق الأوسط أما المرحلة الثالثة فبدأت بعد
الربيع العربي، حيث أدركت ألمانيا تزايد احتمالات وصول
الإخوان للحكم في دول الربيع العربي، وبدأت ألمانيا في مد
جسور التفاهم ساعدها في ذلك علاقتها السابقة مع الإخوان.
بريطانيا
على الرغم من أن ألمانيا تمثل المركز الرئيسي لجماعة
الإخوان المسلمين في أوربا، إلا أن بريطانيا هي محطة
هامة لوجود الإخوان في أوربا. تنعكس أهمية بريطانيا
بالنسبة لجماعة الإخوان مع الخبر الذي نشرته جريدة الدايلي
تليجراف والذي أشارت فيه إلى أن القيادي الإخواني
جمعة أمين والذي وصفته التليجراف بالمرشد الجديد لجماعة
الإخوان قد سافر إلى بريطانيا هربا من مصر.
وأضافت الجريدة أن أمين سافر إلى بريطانيا في رحلة
علاج ولم يعود إلى مصر بعد الإطاحة بمرسي، وهو اليوم
مختبأ في مكان سري حيث يدير جماعة الإخوان.
بحسب الدايلي تليجراف فأن تواجد جمعة أمين في لندن
يشكل صداع للسلطات البريطانية المضطرة لتأمينه،
على ناحية فأن حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة
الإخوان قد استعان بفريق من المحامين البريطانيين من
أجل بحث إمكانية توجيه اتهام للفريق عبد الفتاح السيسي
بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، ويضم هذا الفريق اللورد
ماكدونالد المدير السابق للنيابات العامة، ومايكل مانسفيلد.
ولجماعة الإخوان المسلمين تاريخ طويل في بريطانيا
منذ السبعينات من القرن الماضي، وفي الثمانينات، تم نقل
المقر الفعلي للعمليات الأوروبية لجماعة الإخوان
المسلمين من ميونيخ بألمانيا إلى "مركز المؤتمرات
ماركفيلد" في ليسسترشاير وهو المركز المملوك
للمؤسسة الإسلامية التابعة لمنظمة مجلس المسلمين في
بريطانيا. تسيطر المنظمات التابعة للإخوان المسلمين
في بريطانيا على مجلس المسلمين الذي يعد بمثابة اللوبي
الإسلامي الرئيسي في بريطانيا . أهم هذه المؤسسات
الإخوانية في بريطانيا جمعية المسلمين البريطانية
أو "أم بي ايه" التي توصف بأنها فرع جماعة الإخوان
المسلمين في بريطانيا، المبادرة الإسلامية البريطانية
(بي أم أي)، المجلس الأوروبي للفتوى والبحوث،
اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا ، اتحاد الجمعيات
الطلابية الإسلامية ، معهد دراسة العلوم الإنسانية.
بحسب دراسة تحت عنوان "تطور جماعة الإخوان
المسلمين في المملكة المتحدة" للباحث مايكل ويني
فأن جماعة الإخوان في بريطانيا عملت على تأسيس
شبكة من الشركات المالية لتوفير الدعم المادي، كما عملت
على توسيع نطاق انتشارها داخل الهياكل المجتمعية
الأخرى. ويعمل الإخوان خلال سلسلة من الشركات
المتشابكة يديرها قيادات إخوانية من مختلف الدول
العربية. وتشمل هذه الكيانات: صندوق رعاية المسلمين،
شركة انتربال المدرجة في وزارة الخزانة الأمريكية
كمؤسسة الإرهابية دولية، المركز الفلسطيني للعودة،
معهد سياسية الفكر الإسلامي ، شركة المشرق لخدمات
وسائل الإعلام، ومركز دراسات السياسة الدولية.
إنشاء البنية التحتية المالية واسعة النطاق والمترابطة
في المملكة المتحدة وأيرلندا هو جزء من استراتيجية طويلة
الأمد تهدف إلى حماية وجود جماعة الإخوان بتوفير غطاء
معقد لتحركاتهم المالية، وبالتالي اخفاء مصادر التمويل والجهات
التي تذهب إليها الأموال.
إيطاليا
وفي إطار تشابه أسلوب عمل جماعة الإخوان مع أسلوب
عمل عصابات المافيا خاصة فيما يتعلق بالسرية وتشابك
المصالح، كان من الطبيعي أن يكون لجماعة الإخوان
نشاط في موطن عصابات المافيا إيطاليا. هناك عدد كبير
من المسلمين والعرب في ايطاليا نظرا لأن ايطاليا تعد
نقطة جذب للمهاجرين من الشرق الأوسط. من أهم
المنظمات التابعة لجماعة الإخوان في ايطاليا اتحاد
الهيئات والجاليات الإسلامية في إيطالياوهو الفرع
الذي يمثل المظلة الواسعة لأنشطة الإخوان في أوربا.
ويتميز هذا الاتحاد الذي تأسس عام 1990 بدور حيوي
في الحياة السياسية الايطالية بفضل النفوذ الذي يتمتع به
الاتحاد بين المسلمين في ايطاليا، ويرجع هذا النفوذ
إلى سيطرته على الجوامع في ايطاليا، حيث يسيطر
الاتحاد على 130 مسجد وما يقرب من 500 مركز
إسلامي في مختلف أنحاء أيطالية.
الفرع الثاني للإخوان المسلمين في ايطاليا يتمثل في
اتحاد الطلاب المسلمين في ايطاليا الذي تأسس عام 1971.
وفي نهاية السبعينات قام عدد من أعضاء هذا الاتحاد
بتأسيس المركز الإسلامي في ميلان والذي لعب دور
حيوي في تدفق المهاجرين المسلمين إلى ايطاليا.
وتعد ميلان مركز لتجمع الإخوان المسلمين خاصة
القادمين من مصر، وفي منتصف الثمانينات كان
المركز الإسلامي في ميلان مأوي للإرهابيين الفارين من مصر.
فرنسا
أشهر الكيانات الإخوانية في فرنسا هو اتحاد
المنظمات الإسلامية في فرنسا الذي تأسس
الإسلامي التابع للحكومة الفرنسية. وأسلوب الإدارة
الداخلية لاتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا يتشابه
إلى حد كبير مع أسلوب جماعة الإخوان المسلمين،
فالاتحاد يضم 200 جمعية يتم تقسيمها حسب درجة
انتمائها للإتحاد بنفس أسلوب تقسيم جماعة الإخوان
لأعضائها، فهناك العاملون، الأصدقاء والمتعاطفون.
وبحسب تقرير نشرته جريدة ليبراسيون الفرنسية في
26 أبريل 2013، فأن دولة قطر كما حرصت على شراء
الكثير من الشركات والمباني الفرنسية، حرصت قطر على
السيطرة على الإسلام في فرنسا بتقديم تمويل للمساجد ودعم
اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا. ويلعب يوسف
القرضاوي بحسب الجريدة الفرنسية دورا في تنسيق
العلاقة بين قطر واتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا،
وكان الاتحاد قد استضاف القرضاي منذ عدة سنوات
لإلقاء محاضرة في شاتو-شينون المعهد الأوروبي للعلوم
الإنسانية وهو مركز تدريبي تابع للإتحاد. كما حرصت
قطر على توطيد علاقتها مع طارق رمضان حفيد
حسن البنا وأحد رموز الجماعة في فرنسا الذي يتمتع
بشعبية كبيرة في فرنسا. كما قدمت قطر دعم مالي كبير
لجمعية مناهضة فوبيا الإسلام التي يرأسها الإخواني
المتشدد نبيل الأنصاري، وقدمت تميل تمويل لمركز
التوحيد الثقافي حيث يتم استضافة شخصيات من
جماعة الإخوان لإلقاء المحاضرات، ومن ضمن
هذه الشخصيات راشد الغنوشي مؤسس حزب النهضة
في تونس وهاني رمضان شقيق طارق رمضان والأكثر تطرفا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق