مصر هي جائزة الولايات المتحدة
تقرير لجنة السياسة الدفاعية في البنتاجون يصف العراق بالمحور التكتكي
السعودية المحور الاستراتيجي
أما مصر فهي الجائزة
المعونة الأمريكية هي في النهاية لخدمة المصالح الأمريكية في المنطقة
كاتب أمريكي يشن هجوم على منظمات المجتمع المدني التي تحصل على تمويل أجنبي
تحت عنوان "مصر هي الجائزة" كتب المحلل السياسي الأمريكي جاستن ريموندو رئيس تحرير "موقع انتي وير" تقرير رصد فيه الوجه الآخر من السياسة الأمريكية في المنطقة وألقى الضوء على حقيقة المعونات الأمريكية.
في بداية مقاله تخيل الكاتب أن دولة أجنبية تتمتع بالثروة قررت أن الولايات المتحدة الأمريكية ليست ديمقراطية بالقدر الكافي، وقررت هذه الدولة تعليم الولايات المتحدة الأمريكية أبجدية الديمقراطية من خلال مجموعة كبيرة من الكيانات المكرسة ل"حقوق الإنسان" و "مراقبة الانتخابات" ، وبتمويل مباشر من تلك الدولة، ومع اقتراب موعد الانتخابات تتدفق تلك الأموال الأجنبية على خزائن جماعات النشطاء الذين يلعبون دور رئيسا في إثارة الاحتجاجات في الشوارع والتي تنتهي في الغالب إلى أحداث عنف، فضلا عن تمويل الأحزاب السياسية التي تخدم في النهاية أهداف السياسة الخارجية للمتبرع الكريم.
ثم طرح سؤال حول إلى أي مدى يمكن لهذا الوضع أن يستمر؟ وكانت الإجابة ليس لوقت طويل، حيث أكد الكاتب الأمريكي أن هناك قوانين في الولايات المتحدة الأمريكية تمنع التمويل الأجنبي للأحزاب والجماعات وبالتالي فأن مثل التمويل لن يسمح بحصوله على أرض الولايات المتحدة الأمريكية. وأضاف جاستن ريموندو أن الوضع لا يختلف كثيرا في مصر وتقريبا في كل دولة في العالم، فمصر لديها قوانين مماثلة، وبالتالي فأن هذه الحقيقة تجعلنا في موقف محير إزاء الحملة الأخيرة التي قامت بها الحكومة المصرية ضد الجماعات التي تحصل على تمويل أجنبي. ومن المعروف أن في سلسلة من الغارات المنسقة ، دخلت الشرطة المصرية مع قضاة التحقيق إلى المقر الرئيسي لهذه الجماعات في أنحاء مختلفة من الدولة ، وتم التحفظ على أجهزة الكمبيوتر ، وختم المكاتب ، ومصادرة مبالغ نقدية. وفقا لأسوشيتد برس ، صرح مصدر مسئول في وزارة الداخلية المصرية أن الجيش عثر يوم الخميس على 70 ألف جنيه مصري في مكتب إحدى الجماعات ، وتحفظ على نصف مليون جنيه مصري من المعهد الديموقراطي الوطني.
أشار الكاتب الأمريكي إلى أن المعهد الديمقراطي الوطني هو الذراع الدولي للحزب الديمقراطي الأميركي ،وأكد أن المعهد يستقبل تمويل مباشرة من العم سام وعدد من المساهمين الحريصين على بقاء هوياتهم طي الكتمان. أما كينيث واللاك رئيس المعهد الديمقراطي الوطني فهو المدير التشريعي السابق للجنة الشؤون السياسية الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) وهي اللجنة التي تمثل اللوبي الإسرائيلي القوي في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويرى الكاتب أن نظرا للعداوة التاريخية بين مصر وإسرائيل قد لا ينتقد البعض هذه الحملة ضد مثل هذه المؤسسة التي توزع الأموال، وعلى الرغم من ذلك فأن و كينيث واللاك يصف تلك الإجراءات الحكومية بالغير عادية وصرح قائلا في بيان "شن حملة على كيانات هدفها الوحيد دعم العملية الديمقراطية في مصر أثناء المرحلة الانتقالية التاريخية من شأنه إرسال إشارات مقلقة ".
ويؤكد الكاتب الأمريكي أننا يجب أن ندرك أن تلك الجماعات التي تقوم الولايات المتحدة الأمريكية بتمويلها تخدم في النهابة مصالح الذين يدفعون فواتيرهم ورواتبهم.
كما تمت مهاجمة المعهد الجمهوري الدولي الذراع الخارجي لمجلس النواب الجمهوري، وكذلك مهاجمة مؤسسة فريدوم هاوس المركزي التاريخي للجناح الديمقراطي اليميني الاشتراكي، فضلا عن مهاجمة مؤسسة كونراد اديناور (بتمويل من الحكومة الألمانية) إلى جانب 14 جماعة أخرى تحظي بتمويل أجنبي.
وبطبيعة الحال كان رد فعل واشنطن على مثل تلك الغارات فوري وقوي على حد وصف المقال, حيث قدم متحدث رسمي بأسم وزارة الخارجية الأمريكية تصريح معتاد عن شعورهم بالقلق العميق، وكتبت النيويورك تايمز أن مسؤول بارز في إدارة آخر، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، أكد أن الولايات المتحدة أرسلت عبر قنوات خاصة رسالة شديدة اللهجة أكدت خلالها أن ما حدث يعد تجاوز لحد.
وتناول المقال طبيعة هذا الحد أو الخط الذي تعتقد واشنطن أنه تم تجاوزه والذي شرحه بالتفصيل تشارلز دن مدير برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة فريدوم هاوس والذي صرح قائلا "إنه لتصعيد كبير في حملة القمع التي تشنها الحكومة المصرية على كيانات المجتمع المدني ، وإنه هجوم لم يسبق له مثيل على المنظمات الدولية مثل مؤسسة فريدوم هاوس التي تعتمد في الجزء الأكبر في تمويلها على حكومة الولايات المتحدة. المجلس العسكري يقول نحن سعداء بأخذ 1.3 مليار دولار سنويا ، ولكننا لسنا سعداء عندما تقوموا بأشياء مثل الدفاع عن دعم حقوق الإنسان والديموقراطية".
بحسب المقال فأن أي من تلك الجماعات المدنية لم تنكر تمويلها من مصادر أجنبية، وهي نفس المصادر الأجنبية التي تعمل بنشاط على تعزيز مصالحها الخاصة في مرحلة ما بعد مبارك مصر. ويشير الكاتب الأمريكي أن لهذه المساعدات الأمريكية التي تقدمها الولايات المتحدة لها وجه آخر كشف عنه رون بول أحد مرشحي الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية القادمة والذي قال "برنامج المساعدات الخارجية لدينا يأخذ المال من الفقراء في الولايات المتحدة ويغرق بها الأغنياء في الخارج وكل ذلك من أجل توجيه الحياة السياسية الداخلية للدول الأجنبية من وراء الكواليس".
ويعبر الكاتب عن دهشته من قبول المصريين أو أي شعب آخر بهذا التدخل، وتساءل الكاتب أن في الوقت الذي تتحرك فيه هذه الكيانات التي تحصد التمويل الأجنبي لتحديد شروط عملية الانتقال الديمقراطي في مصر مستخدمة لغة متعالية باعتبارها هي من ستنقذ مصر، هل من الممكن أن تتعرض هذه الكيانات لنكسة على حد الوصف المستخدم في المخابرات المركزية الأمريكية؟.
يرى الكاتب أن الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من مشكلة كبيرة في اختيار شركاؤها في الخارج أو الرهان على الفائزين سياسين في دول قليل ما تعرفها أو تفهمها، كما تعاني الولايات المتحدة من عدم القدرة على اختيار الأسلوب الصحيح في التعامل مع غيرها من الدول، سواء اتبعت أسلوب التيار المحافظ بالتدخل في الشئون ، أو بأسلوب التيار الديمقراطي الذي يتبني مبدأ القوة الناعمة، أو حتى اللجوء لفكرة التدخل العسكري. وأكد الكاتب أن المصريين حذروا كثيرا الولايات المتحدة من قيامهم بالتحقيق في مصادر التمويل الأجنبي للمنظمات الغير حكومية. على أي حال، لا توجد حكومة في أي مكان تسمح بمثل هذا التدخل السافر في سياستها الداخلية من قبل الأجانب، ووصف هذه الحملة على المؤسسات الممولة من الخارج باعتبارها حملة غير متوقعة وصف مخادع على أقل تقدير.وكما كتبت التايم " في مقابلة تلفزيونية في الشهر الماضي، أشار اللواء ممدوح شاهين عدة مرات إلى أن التحقيق في تمويل أجنبي للمنظمات الغير حكومية سوف يسلط الضوء على أسماء المحرضين الذين كانوا وراء الاحتجاجات والصدامات في الشوارع. وقال أن هناك أيدي خفية تلعب في البلاد '.'نقول للشعب المصري، والشعب المصري أذكياء، أن هناك الناس الذين يسعون إلى هدم البلاد".
ويؤكد الكاتب أن في مصر، لا يوجد شيئ خفي حول أيادي العام سام الساعي بكل جهود من أجل تحديد شكل مرحلة ما بعد مبارك على النحو الذي يناسبه، ويضيف أنه إذا كانت الولايات المتحدة تعلن عن دعمها ورعايتها للمعارضة المصرية فهي في نفس الوقت تحرص على اخفاء تمويلها لعملائها في الخارج.
ويشير المقال أن بداية العام الجديد تشهد محاولة الولايات المتحدة الأمريكية من أجل خطف الربيع العربي ليس فقط في مصر ولكن في سوريا أيضا، في ظل أخبار تشير إلى تجهيز إدارة أوباما لخطة من أجل التدخل في سوريا، ويرى الكاتب أن أمريكا حريصة على استغلال الربيع العربي من أجل الحفاظ مصر كدولة تابعة لها، ولكن الولايات المتحدة تواجه صعوبة كبيرة في تحقيق هذا الهدف بسبب دعمها التاريخي لمبارك الذي حكم مصر بقبضة حديدية بدعم من واشنطن على مدار عشرات السنوات.
ويتساءل الكاتب هل تعتقد واشنطن أن انفاق بضعة ملايين على طبقة من المصريين سوف يساعدها في كسب ملايين المصريين الذين يتذكرون سجلها الحقيقي؟ ويرد الكاتب على سؤاله بالتأكيد على أن تعبير القوة الناعمة ما هو إلا إهدار للمال ويأتي بنتائج عكسية بدلا من شراء النوايا الحسنة يولد مشاعر العداء تجاه الأمريكان.
وبحسب الكاتب فأن الولايات المتحدة ليس لها أن تتدخل في تحديد المستقبل السياسي لمصر، وما تبذله واشنطن من جهود خرقاء ما هي إلا محاولات سخيفة سوف تنفجر في وجهها، كما أن الحديث عن القوة الناعمة لا يقل سخافة لأن فكرة فرض الديمقراطية من خلال قوة خارجية هي في الأساس فكرة خاطئة.
الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش هو الذي بدأ بالحديث عن فكرة الانتقال في منطقة الشرق الأوسط وإدارة أوباما تستمر في تطبيق هذه الاستراتيجية سواء باستخدام القوة الناعمة كما في مصر أو التدخل العسكري كما هو الحال في ليبيا.
وينهي الكاتب الأمريكي تحليله بالإشارة إلى تقرير لرونت موراويك السياسي الأمريكي ذو الأصول الفرنسية الذي قدم مشروع للجنة السياسة الدفاعية في البنتاجون عام 2002 تحت عنوان "إزالة السعودية من الجزيرة العربية" وتحدث فيها عن ضرورة القضاء على آل سعود وكتب تحت عنوان الاستراتيجية الكبرى في الشرق الأوسط أن العراق هي المحور التكتيكي، السعودية هي المحور الاستراتيجي ومصر هي الجائزة.
وتضمن التقرير تفسير لعبارة مصر هي الجائزة حيث كتب لرونت موراويك في تقريره المكون من 76 صفحة:" أن قدرة مبارك في السباحة مع التيار السائد تغري لكي نعتمد على تلك الانتهازية: لماذا لا نسمح له بالقضاء على الإسلاميين بمجرد نجحنا نحن في الحد من قوتهم في أماكن أخرى، وفي نفس الوقت نسمح له بالبقاء في السلطة دون تغيير حقيقي في السياسية، ولما لا فهو في النهاية صديق لنا؟ سيكون ذلك وصفه مضمونة للكوارث.أن محور العالم العربي هو الجزء الأكثر أهمية للتحول العميق. يمكن وصف العراق بالمحور التكتيكي، نقطة الدخول، والسعودية بالمحور الاستراتيجي، أما مصر بما تحمله من ثقل وتاريخ وبما تتمتع به من مكانة وإمكانيات هي المكان الذي يحدد مستقبل المنطقة العربية. وبالتالي يمكننا إعادة تشكيل مصر في ظل الشرق الأوسط الجديد الذي نأسسه من خلال حربنا."
ويرى الكاتب أن إدارة أوباما تسعي جاهدة من أجل تطبيق سياسية لورنت موراويك، ويضيف أن العام الجديد سوف يشهد تجديد لاستخدام قوة الولايات المتحدة في العالم العربي سواء القوة الناعمة أو القوة العسكرية والنتيجة ستكون بالتأكيد متفجرة.
مي سمير