السبت، 24 يناير 2015


كتاب أمريكي عن المرأة والحب في عيون الرجل الشرقي 


كتبت مي سمير 
فتح الكتاب الأمريكي (الحب..ان شاء الله) الباب على العالم
 المغلق لمشاعر المرأة العربية، ومع النجاح الكبير الذي حققه
 الكتاب الذي أعتمد على قصص حقيقة لنساء عربيات يعيشن 
في الولايات المتحدة، تم إصدار الجزء الثاني منه ولكن هذه
 المرة يتعرض الكتاب لمشاعر الرجل العربي وكيف ينظر
 للمرأة والعلاقة العاطفية.  الكتاب الجديد الصادر عن دار
 نشر باكو ويحمل عنوان (سلام، حب: الحب، والعلاقات، 
والحميمية في عيون الرجال المسلمين) ويتضمن 22
 قصة حقيقة كتبها أصحابها، وقامت بصياغة هذه الحكايات
 الكاتبتان عائشة ماثيو ونورا مازنافي صاحبتا كتاب 
.(الحب ان شاء الله) 

 بعيدا عن النظرة النمطية للرجل العربي في أذهان الغرب
 والتي تتأرجح عادة بين قمعه للمرأة من ناحية وحلمه
 الأبدي بالذهاب للجنة والتمتع بالحور العين من ناحية أخرى
 يقدم هذا الكتاب نظرة واقعية لا تخلو من الرومانسية عن
 علاقة الرجل العربي بالحب.  كيف ينظر الرجل للحب
 والرومانسية؟ كيف يؤثر الدين على نظرته للعلاقة مع
 المرأة؟ هل يعاني الرجل العربي كما تعاني المرأة في
 كفاحها من أجل الحب؟ أسئلة كثيرة يحاول الكتاب أن
 يقدم إجابات لها  من خلال تجارب حقيقة وقصص  
.رجال امتلكوا شجاعة الاعتراف 

تلقى صناع الكتاب أكثر من 100 قصة  كشف فيها الرجال
 العرب عن أدق تفاصيل حياتهم العاطفية، واستغرقت قراءة
 وصياغة القصص التي وقع الاختيار عليها ما يقرب من
 خمس شهور، وتقول الكاتبة نورا مازنافي أنها شعرت
 وهي تتجول بين صفحات هذه الاعترافات العربية
 بالدهشة  بمدى استعداد الكثير من الرجال الشرقيين 
.عن مشاركة قصصهم والكشف عن مشاعرهم دون خجل أو خوف

الكتاب (سلام، الحب) مقسم إلى ثلاثة أجزاء 
الأول يحمل عنوان (الأمة: يحتاج الأمر لقرية) ويتعرض
 للقصص الخاصة بدور العائلة والمجتمع،  ويأتي الجزء
 الثاني بعنوان (الصراط: الرحلة) ويضم قصص وحكايات
 الوقوع في الحب، أما الجزء الثالث فيحمل عنوان 
الصبر: في الصحة والمرض) ويتعرض للقصص ذات)
 طابع إيماني تعكس تأثير الدين الكبير في التعامل الرجل
. المسلم مع المرأة والحب

أول قصة تقابلها بين صفحات هذا الكتاب هي قصة سام الشاب
 الأمريكي المسلم الذي يأتي من عائلة هي خليط ما بين العالم
 العربي والمجتمع الأمريكي، فوالده باحث في الأدب الإنجليزي
 وقع في غرام والدته العربية المسلمة ولم يتردد في إعلان 
إسلامه والزواج منها، ولكن بعد انجاب طفلين هما أحمد وسام
 .بطل القصة الأولى (زجاجة الصودا..)  تم الانفصال بين الزوجين
 عاش سام مع والدته المسلمة المتدينة والتي كانت حريصة 
على غرز تعاليم الدين الإسلامي في أبنائها، ويقول سام أن
 .بالنسبة لوالدته كانت الفتيات حرام أكثر من الخمور
 لم تقف تحذيرات والدته، مثل  أن القبلات تنقل الأمراض
 وأن القبلة الفرنسية ينتج عنها أنجاب أطفال، أمام طوفان
 المشاعر التي بدأت في اجتياحه خاصة أمام إيمي زميلته
 .الشقراء بالمدرسة والتي كانت رائحتها الأشبه برائحة الورد
 .كانت ايمي بمثابة  التجسيد العملي لمعنى الحب من وجهة نظر
مع أول قبلة جمعتهما انتابه احساس بأنه في الجنة، لكن بقدر
 البراءة التي اتسمت بها أول قبلة  بقدر تأنيب الضمير الذي 
شعر به سام الذي أعتقد أن لعنات السماء سوف تنهال عليه   
ولكن المفاجأة أن السماء ظلت ساكنة لا تتحرك بينما اشتعل 
قلبه بأحساس لا نهائي بتأنيب الضمير جعله لا يقترب مرة أخرى
 .من إيمي أول حب في حياته

كان تدين سام هو سلاحه في التصدي لتلك المشاعر التي
 وصفها والده بزجاجة الصودا، ومع دخوله الجامعة كان
 دائما  يردد أن الزواج هو العلاج الذي لا مفر له، ولهذا
 عندما تخرج والتحق للتدريس بالجامعة وأثناء تحضيره
 لرسالة الماجستير بدأ في التفكير في الزواج. لم يكن
 ارتباطه بزوجته روحي الفتاة المسلمة الهندية الأصل
 ،بعد قصة حب رومانسية، بل كانت زيجة مرتبة 
فكليهما مسلم، كليهما قصير القامة، وكليهما يحب القراءة
 كما أكد له المحيطين به. وقع سام  في حب روحي 
من أول نظرة وتم الزواج بعد عدة لقاءات بحضور 
رشيد صديقهما المشترك. هما يعيشان معا حياة جميلة
 ولكن ظل هناك شعور بالندم أنه لم يجمعه بزوجته 
قصة حب أو لقاءات رومانسي منفردة، وظل 
احساس المراهق المحروم والخائف من الحب يطارده
 .رغم حبه الكبير لزوجته وأبنائهما 

وإذا كان الرجل العربي معروف بغروره وحرصه 
على عدم إظهار ضعفه أو الاعتراف بأخطائه 
فأن سطور الكتاب تحمل اعترافات لبعض الرجال
 الذين اكتشفوا أن الرجولة لا تعني بالضرورة الكمال 
ولقب ذكر لا يمنح شهادة تلقائية بالتفوق، وأن لحظات
 الضعف قد تكون في بعض الأحيان هي الحلقة المفقودة
 (التي تكتمل بها انسانية صاحبها. في قصة (فقط قبلة واحدة
 ،يعترف بطل القصة ماهر رهام  بحقيقة خيانته لزوجته 
،وعلى العكس من أغلب الرجال، لا يبرر ماهر خيانته 
،ولا يلقي باللوم على زوجته، كما لا يقدم لنفسه أعذار 
 .فقط يعترف أن في بعض الأحيان امرأة واحدة لا تكفي
 يكتب ماهر أنه كان يحب زوجته ويقدرها ولكنه لم يكن
 مغرم بها، كان يشعر أن هناك مساحة غامضة من المشاعر
 لم يختبرها بعد في علاقته بالمرأة، مساحة لم يعثر عليها
 بين أحضان زوجته. مع توتر العلاقة مع الزوجة يصبح
 الرجل فريسة من السهل الايقاع بها، ولهذا لم يستغرق
 الأمر كثير لكي تتحول علاقته القريبة بزميلته في العمل
 إلى علاقة غير شرعية. وكما كتب ماهر أن الرجل الذي
 .يخون لمرة يخون بعد ذلك لمرات عديدة  

بين سطور الاعترافات التي يتضمنها الكتاب، تكشف بعض
 القصص على أن التعقيد الذي تتسم به العلاقات العاطفية
 في العالم العربي لا ترجع فقط إلي معاناة المرأة من
 التمييز ضدها لصالح الرجل أو لكفاحها لكي تصبح مواطن
 من الدرجة الأولى وليس مجرد تابع في مجتمع ذكوري
 يمنح الرجل بلا حدود ويقيد المرأة بكل قوة،  هذا التعقيد
 يرجع في حقيقته إلى أن المجتمع العربي بأكلمه يعاني 
وأن الكل يخوض معركته الخاصة في ظل ظروف قاسية
 .جعلت من الحب اختبار من الصعب تجاوزه   

في قصة (من أريد أن أكون) يكشف يوسف بطل الرواية كيف
 انعكست علاقته المعقدة مع والده على حياته العاطفية ووقفت
. حاجز أمام قدرته على أن يمنح قلبه لأي امرأة 
قسوة الأب في التعامل معه جعلت منه انسان غير قادر على
 العطاء أو الحب، ولكنه عندما تصالح في النهاية مع والده
 أدرك أنه لكي يتقدم في حياته  عليه أن يتخلص من مشاعر الخوف 
والألم التي تسيطر عليه.  عندما غفر يوسف لوالده
 قسوته معه بدأ في اكتشاف قدرته على الحب وعرف معنى
 .أن يمنح قلبه لامرأة تساعده على أن يكون انسان أفضل  
وتحت عنوان (حفلة راقصة..ان شاء الله) يكشف بطل
 الرواية عن المعاناة التي تعرض لها وهو شاب عندما
 أكد له شيخ الجامع الذي يصلي فيه أن الرجل لا يجب
 أن يجلس بمفرده مع امرأة غريبة عنه، ويكتب هارون
 أن الشيخ الذي حذره من الاقتراب من النساء لم يشرح
 له كيف يمكن أن يتخلص من الاحساس بالوحدة الذي
 يسيطر عليه ورغبته الجامحة في الوقوع في الحب 
حتى يشعر أنه على قيد الحياة وأن الحياة تستحق أن
 تعاش.  ويكتب هارون أن المرأة العربية قد تشعر 
بالتمييز لأن المجتمع يعتبر زواجها هو الدليل الوحيد 
على نجاحها في الحياة وبالتالي فأنها تشعر بضغط كبير
 عليها، ولكن في المقابل يشعر الرجل بأنه في حاجة للحب 
والارتباط وهذه الحاجة لاتميز بين رجل ومرأة.  ويسترسل 
هارون في شرح الضغوط التي يشعر بها أي شاب مسلم يواجه
 مجتمع يحرم الحب والعاطفة، ويتذكر عندما كان في المدرسة
  وكان عليه الحصول على موافقة من عائلته، بحسب
 قوانين المدرسة، من أجل حضور فصول للتوعية بشأن
 العلاقات العاطفية، ولكن أسرته رفضت  حضوره مثل 
.هذه الفصول ولهذا تم إرساله من أجل القيام ببحث عن النظام الشمسي  

ولا يخلو الكتاب من قصص إنسانية تكسر تلك الصورة
 (النمطية للرجل العربي  المتعدد العلاقات، مثل قصة (الوعد
 وبطلها آلن وزوجته جوان اللذين اعتنقا الدين الإسلامي
 أثناء الدراسة الجامعية في جامعة شمال كارولينا. يحكي آلن
 عن قصة زواجها مع جوان المصابة بالسرطان ورحلته 
معها إلى أن فارقت الحياة. كتب آلن أنه خلال محنة زوجته
 تعلم أن هناك أمور تحدث في الحياة لا نستطيع أن نفهمها 
أو نتحكم فيها ولكننا يجب أن نواجهها بالصبر في جميع 
الأحوال. ويضيف آلن أنه تعلم من الإسلام  كيف يفهم 
ويتعايش مع الاختبارات التي يواجهها في الحياة. كان اختبار
 زوجته، اصابتها بالسرطان، وقد غيرها هذا الاختبار وجعلها 
أكثر قوة. أما اختباره، فكان العناية بها وعدم الهرب، ويؤكد
 آلن أنه بقى بجوارها ليس فقط لأن هذا هو واجبه ولكن لأنه
 .كامن يحبها، واعتبر آلن أن هذه التجربة كانت تمثل جوهر انسانيته