كتاب أمريكي جديد يكشف عن نصائح مبارك للمخابرات
الأمريكية
عشاء هادئ في أكتوبر 2001 جمع بين مبارك ورامسفيلد غير
من أسلوب عمل المخابرات الأمريكية
الكتاب يؤكد أن المخابرات الأمريكية تحولت إلى أداة
للقتل والاغتيال مما أدى إلى عدم انتباهها لثورات الربيع العربي
كتبت مي سمير
مساحة ضبابية تفصل بين الحرب العسكرية والعمليات الاستخباراتية، وفي تلك المساحة خاضت المخابرات الأمريكية حرب في الظل كشف تفاصيلها كتاب جديد للصحفي الأمريكي مارك مازيتي مراسل أمن القومي لصحيفة نيويورك تايمز" والذي حصل في عام 2009 على جائزة بوليتزر لأفضل تغطية للعنف المتصاعد في باكستان وأفغانستان. الكتاب الجديد يحمل عنوان "أسلوب السكين: السي أي أيه، والجيش السري، والحرب في نهايات الأرض" والصادر في شهر أبريل الماضي عن دار نشر "بينجوين برس". في مقدمة كتابه يكشف الصحفي الأمريكي عن العلاقة القوية التي جمعت الرئيس المصري السابق حسني مبارك بالأنظمة الأمنية الأمريكية، وكيف ساهمت نصيحة قدمها مبارك على العشاء لوزير الدفاع الأمريكي في تغيير أسلوب عمل المخابرات الأمريكية.
مساحة ضبابية تفصل بين الحرب العسكرية والعمليات الاستخباراتية، وفي تلك المساحة خاضت المخابرات الأمريكية حرب في الظل كشف تفاصيلها كتاب جديد للصحفي الأمريكي مارك مازيتي مراسل أمن القومي لصحيفة نيويورك تايمز" والذي حصل في عام 2009 على جائزة بوليتزر لأفضل تغطية للعنف المتصاعد في باكستان وأفغانستان. الكتاب الجديد يحمل عنوان "أسلوب السكين: السي أي أيه، والجيش السري، والحرب في نهايات الأرض" والصادر في شهر أبريل الماضي عن دار نشر "بينجوين برس". في مقدمة كتابه يكشف الصحفي الأمريكي عن العلاقة القوية التي جمعت الرئيس المصري السابق حسني مبارك بالأنظمة الأمنية الأمريكية، وكيف ساهمت نصيحة قدمها مبارك على العشاء لوزير الدفاع الأمريكي في تغيير أسلوب عمل المخابرات الأمريكية.
العشاء مع مبارك
في السنوات التالية لأحداث 11 سبتمبر 2001 حرصت
المخابرات المركزية الأمريكية على تقوية علاقتها بجهاز المخابرات المصرية في إطار
الحرب التي شنتها أمريكا ضد الارهاب. كما حرصت السي أي ايه على تقوية علاقتها
بأجهزة المخابرات في المملكة الأردنية وكذلك جهاز المخابرات الليبي. لجأت الولايات المتحدة الأمريكية إلى مساعدة
زعماء هذه الدول في حربها على الارهاب. وبحسب الكتاب جمع عشاء في إحدى ليالي
أكتوبر 2001 بين الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك مع دونالد رامسفيلد
وزيرالدفاع الأمريكي في ذلك الوقت، قدم
مبارك للمسؤول الأمريكي النصيحة التي أحدثت تغيير كبيرا في أسلوب عمل المخابرات
المركزية الأمريكية. بحسب الكتاب قال مبارك لرامسفيلد أن القنابل لن تستطيع سوى
القيام بالقليل في حرب أمريكا الجديدة على الإرهاب، وأن على الولايات المتحدة
الأمريكية أن تراهن على شراء حلفاء لها على الأرض في أفغانستان. وأضاف مبارك
لرامسفيلد أن الحرب على الارهاب ضرورية من أجل انقاذ كوكب الأرض. أهتم رامسفليد
كثيرا بنصيحة مبارك الذي نجح في البقاء في الحكم طوال ثلاثة عقود بفضل قدرته على
التعامل بقوة مع الجماعات الاسلامية المتطرفة.
بحسب الكتاب فأن القانون الأمريكي يمنع الجيش من القيام
بعمليات عسكرية سرية على أراضي الدول
الحليفة للولايات المتحدة الأمريكية، وفي إطار نصيحة الرئيس مبارك بضرورة العمل
على الأرض وعقد تحالفات سرية والقيام بعمليات مباشرة، لجأت الإدارة الأمريكية إلى
تخصيص فرق عسكرية تعمل تحت إشراف المخابرات المركزية وتقوم بمطاردات وعمليات
اغتيال سرية. ولعل أشهر مثال على تلك العمليات
السرية التي تجمع بين المخابرات والجيش، عملية أسامة بن لادن الزعيم الراحل لتنظيم
القاعدة الذي تم اغتياله في باكستان على يد الفرق العسكرية سيل 6 والتي قامت بهذه
العملية تحت إشراف جهاز المخابرات الأمريكية.
وحدات خاصة
كان الهدف الرئيسي أن تقوم المخابرات بالأعمال التي لا
يستطيع الجيش الأمريكي القيام بها، وبفضل اختراقها لصفوف الجماعات المتطرفة عبر
عملائها، أصبحت المخابرات تمتلك المعلومات الكافية التي تمهد لها الطريق للقيام
بمطاردة الإرهابيين والمتطرفين والقيام بعمليات اغتيال مباشرة. وخلال عمله الصحفي
على مدار العقد الماضي لاحظ مازيتي أن بمرور الوقت لم يعد جمع المعلومات
الاستخبارية عن الحكومات الأجنبية والبلدان هو الأولوية القصوى لوكالة المخابرات المركزية
التي انصب اهتمامها الأول على القيام بعمليات عسكرية كعملية اغتيال أسامة بن لادن
والتي لم تكن بالتأكيد الأولى أو الأخيرة من نوعها.
قبل عدة سنوات من عملية اغتيال أسامة بن لادن ، قام
الجنرال ستانلي ماكريستال الذي كان يشغل منصب
رئيس "قيادة العمليات الخاصة المشتركة" بتحويل وحدة "قوة
دلتا" التابعة للجيش والوحدة العسكرية البحرية المعروفة بأسم سيل 6 إلى وحدات قتالية تتولى القيام بعمليات
استخباراتية في العراق وأفغانستان، وكان الجنرال ماكريستال يطلق على تلك العمليات
"القتال من أجل المعرفة".
في عهد ليون بانيتا الذي شغل منصب مدير المخابرات
الأمريكية في عام 2009، زادت المخابرات الأمريكية من حجم عملياتها العسكرية من
مطادرة وقتل.
أتى الجمع بين العمل الاستخباراتي والعسكري بنتائج مذهلة
للحرب الأمريكية على الارهاب، ونجحت السي أي إيه في شن العديد من الهجمات في
باكستان والتي أسفرت عن مقتل عدد من زعماء تنظيم القاعدة. وفي تلك الأثناء نجحت
"قيادة العمليات الخاصة المشتركة"في القيام بالعديد من العمليات الناجحة
ضد تنظيم القاعدة في في العراق. وقد كشف الجنرال ستانلي ماكريستال عن دوره في تلك
العمليات الاستخباراتية العسكرية في مذكراته التي نشرها مؤخرا تحت عنوان " نصيبي
من المهمة". وعلى الرغم أن من مثل
هذه العمليات بدأت في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش إلا أنها شهدت تصاعد
كبير في عهد الرئيس الحالي أوباما الذي تحولت المخابرات المركزية في عهده إلى آلة
للقتل تأخذ أوامرها من البيت الأبيض.
تلك العمليات الاستخباراتية تحقق نفس نتائج العمليات العسكرية ولكنها تتجنب
الفوضي التي تخلقها الحروب العسكرية المكلفة ماديا والتي تطلب سنوات من الاحتلال
الأمريكي. فوائد هذا الأسلوب الذي وصفه
الكتاب "بطريقة السكين" واضحة للغاية فيما يتعلق بمصالح الأمن القومي
الأمريكي ولكنها في المقابل فأن هذه العمليات تتم بشكل سري وبالتالي لا تخضع
للمراقبة التي تخضع لها العمليات العسكرية المعلن عنها.
خصخصة المخابرات
أسفر هذا المناخ
من السري عن ظاهرة جديدة في المخابرات
الأمريكية وصفها الكتاب بخصصة العمليات الاستخباراتية التي تعد عملا حكوميا في
الأساس. لكن في ظل هذا المناخ الجديد، بدأ بعض العملاء السابقين في محاولة الاستفادة من الدور الجديد الذي تلعبه
المخابرات الأمريكية. ومن هؤلاء عميل المخابرات الأمريكية دوان كلاريدج الذي يعد أسطورة في مجال عمله والذي لعب دور
رئيسيا في فضيحة إيران كونترا التي عقدت بموجبها
إدارة الرئيس الأمريكي ريجان في الثمانينات من القرن الماضي اتفاقاً مع إيران لتزويدها بالأسلحة بسبب حاجة
إيران الماسة لأنواع متطورة منها في حربها ضد العراق وذلك في مقابل إطلاق سراح بعض
الأمريكان الذين كانوا محتجزين في لبنان، حيث كان الاتفاق يقضي بيع ما يقرب من 3 آلاف صاروخ تاو المضادة
للدروع وصواريخ هوك أرض جو مضادة للطائرات لإيران في مقابل مقابل إخلاء سبيل خمسة
من الأمريكان المحتجزين في لبنان. قام العميل الأمريكي دوان كلاريدج البالغ من العمر 77 عاما بأستغلال الفرصة وقام في عام 2009 بتأسيس شركة
خاصة للعمليات الاستخباراتية والمتخصصة بجمع الملعومات في الحدود الأفغانية
الباكستانية. تخصصت هذه الشركة في جمع المعلومات لصالح المخابرات الأمريكية الذي
زاد انشغالها بالعمليات العسكرية على حساب عملها الأساسي في جمع المعلومات. ومن
ضمن العمليات التي قامت بهذه الشركة الخاصة كانت عملية لعرز عميل سري في قصر
الرئاسة في أفغانستان لجمع أدلة تثبت أن الرئيس الأفغاني حامد كرازي مدمن للمخدرات،
حيث انتشرت شائعة في كابول تؤكد أن كرازي مدمن للهيروين، ولكن شركة الاستخبارات
الأمريكية الخاصة لم تنفذ العملية بعد أن أصبح من الواضح أن إدارة الرئيس الأمريكي
أوباما تدعم بقوة النظام الأفغاني وليس لديها نية لاستبدال كرازي.
يدير عميل المخابرات الأمريكية السابق دوان كلاريدج من منزله في سان ديجو الكثير من العمليات
الاستخباراتية، حيث أسس شبكة خاصة من العملاء والجواسيس الذين يقومون بجمع
المعلومات عن جماعة طالبان وتنظيم القاعدة.
وقد قامت وزارة الدفاع الأمريكي بعقد اتفاق مع هذه الشركة الخاصة لجمع
المعلومات في مقابل 22 مليون دولار، وقدمت الشركة خلال مدة هذا العقد مئات
التقارير الاستخباراتية للجيش الأمريكي في أفغانستان.
وفقا للصحفي الأمريكي مارك مازيتي فأن تورط المخابرات
الأمريكية في العمليات العسكرية من قتل واغتيال أثناء الحرب الأمريكية على الارهاب أدى إلى إضعاف
الدور الذي تقوم به المخابرات الأمريكية في مجال الاستخبارات، فضلا عن تراجعها
قدرتها على تقديم تقارير دقيقة لقراءة
الأوضاع في مختلف أنحاء العالم لصناع القرار في الإدارة الأمريكية. كتب مازيتي
كتابه "أن الحرب على الإرهاب قد أضرت بقدرة السي أي ايه في فهم التطورات
السياسية الهامة في العالم الإسلامي، مثل الربيع العربي" وأضاف أن مسؤول في
أوباما أكد هذه الحقيقة عندما أشار أن تركيز الوكالة على ضربات الطائرات بدون طيار
ومطاردة قادة القاعدة أدى إلى عدم انتباه وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية لأحداث في تونس، ولم يدركوا حقيقة الأوضاع في
مصر أو في ليبيا.